التنمر الوظيفي وسلوكيات البلطجة للمدراء في مكان العمل
يعد التنمر الوظيفي شكل من أشكال الاساءة اللفظية والايذاء موجه من قبل الفرد العامل أو مجموعة من العاملين نحو فرد أو مجموعة من العاملين ممثل فى التخويف و التقليل من قيمتهم في المنظمة فضلا عن الممارسات العقابية ، الاهانة ، الاساءة مما يتولد عنه ضررا نفسياً أو جسديا.
والتنمر الوظيفي هو مجموعة السلوكيات السلبية مثل سوء المعاملة المؤسسية على أساس التسلسل الهرمي للسلطة، والتخويف الجسدي، و المضايقة والتجاهل والتهديدات اللفظية والتى تشكل ضغوطا تنظيمية.
إن التنمر الوظيفي مجموعة من السلوكيات السلبية التالية:
تهديد للوضع المهني على سبيل المثال الاستخفاف بالرأي والاذلال المهني وتهمة عدم بذل جهد، والتهديد على المكانة الشخصية على سبيل المثال ، الشتائم ، والاهانات ، والتخويف ، والتقليل من القيمة.
كما بدأ عدد قليل من الباحثين في دراسة مفهوم التنمر الوظيفي / مكان العمل فى بيئات عمل متنوعه وكالً منها يعكس ثقافة التنمر الوظيفي بمعناه ومنها على سبيل المثال، بالبيئة اليابانية تنطوي كلمة التنمر على مضايقة الزملاء، ومن ثم انخفاض الرضا عن الوظيفة ويستخدم كوسيلة لطرد العاملون، وفي كوريا يستخدم مصطلح "الحرق".
التنمر في مكان العمل
التنمر في مواقع العمل (Workplace bullying) ويسمى التنمر الوظيفي ايضا، هو ميل الأفراد أو الجماعات لاستخدام سلوك عدواني بشكل مستمر ضد زميل في العمل أو مدراء ضد مرؤوسيهم، هذا النوع من التنمر يمكن أن يأخذ أشكال عدة مثل اللفظية، غير اللفظية، النفسي، الاعتداء الجسدي والإذلال والإشاعات.
هذا النوع من التنمر في أماكن العمل صعب للغاية لأنه، على عكس التنمر في المدارس، فغالباً ما يعمل المتنمرون في مكان العمل ضمن القواعد والسياسات التي يتم الأخذ بها في منظمتهم ومجتمعهم. في معظم الحالات، يبلغ عن التنمر في مكان العمل إن كان من قبل شخص لديهِ سلطة على ضحيتهِ. ومع ذلك، يمكن أن يكون المتنمرين أيضًا زملاء في العمل في بعض الأحيان.
أول استخدام موثق لمصطلح "التنمر في العمل" هو في عام 1992 في كتاب لأندريا آدمز بعنوان التنمر في العمل: كيف نواجهه ونتغلب عليه.
ويعرف التنمر في العمل هو ميل بعض الأصحاب أو المدراء أو رؤساء العمل إلى السيطرة والهيمنة على مرؤوسيهم ومضايقتهم بالتسلط والقسوة والتعنيف لدرجة أن عدداً لا يستهان بهِ من الموظفين قد يُجبَرون نفسياً وقهرياً على ترك العمل بتقديم الاستقالة أو التحويل إلى قطاع آخر أو جهة أخرى ، وكل هذه إشارات على أن هناك من يتنمر وينصب مكائد للموظفين.
ويدلل هذا النوع من العدوان في أماكن العمل في معظم الحالات يقوم به المتنمرين من الرجال، يمكن أن تكون سرية أو علنية لكنها دائما سيئة وتؤثر على الحياة المهنية والشخصية، والصحة، وفي بعض الحالات القصوى يمكن أن يؤدي التنمر في العمل إلى الانتحار ولا تقتصر الآثار السلبية على الأفراد المستهدفين فقط، بل وقد تؤدي إلى انخفاض في معنويات الموظفين، وتغيير في الثقافة التنظيمية حيث يمكن أن يحدث التنمر أيضًا في شكل إشراف متعجرف، نقد دائم، ومنع من الترقية.
وتقول د.ايمان ايمي بيتاوي الكثير منا عند سماع كلمة التنمر نفكر بالأطفال والتنمر الذي يقع عليهم في المدارس ونعتقد ان التنمر ينحصر فقط في هذه الفئة ويحدث فقط في المدارس. التنمر كلمة اشمل من هذا المعنى ويحدث في أماكن كثيرة ومع مختلف الفئات العمرية.
هذا النوع من التنمر لا يتحدث العديد عنه في مجتمعاتنا العربية بالرغم من انه يحدث يوميا في مكان العمل. فهناك تنمر في المؤسسات التعليمية كالجامعات، وفي الوزارات، وفي جميع مؤسسات العمل الحكومية والخاصة.
قبل أن نعرف ما هو التنمر في مكان العمل؟ سنُعَرف معنى كلمة التنمر لغويا واصطلاحا؟
كلمة التنمر لغوياً:
بناء على معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، ان كلمة تنمر يعود تاريخها في اللغة العربية الى السنة السابعة قبل الهجرة، ومعنى "تنمر الشخص: استشد واستشرست أخلاقه". اي ان الكلمة ليست دخيلة على العربية. وفي معجم المعاني الجامع كلمة تنمر لغويا تعود للفعل نَمِرَ، نَمِرَ الشخص: غضب وساء خلقه وصار كالنمر الغاضب.
اما اصطلاحا:
فالتنمر هو سلوك عدواني متكرر يهدف الى تعمد تسبب الضرر بالآخرين اما جسديا او نفسياً ويتمثل ذلك في تقليل شأن الاخرين، نشر الشائعات، ، التعدي على الاخرين بالقول او الفعل، واقصاء المتنمر عليه من المجموعات او فريق العمل. مما يمنح المتنمر سلطة على حساب الاخرين بهدف لفت الانتباه او الغيرة.
كما أن التنمر في مكان العمل هو سلوك ضار ومستهدف يحدث في العمل. قد يكون سلوك حقد أو أساءه أو سخرية أو تهديد. ويشكل نمطًا موجهًا إلى شخص واحد أو عدد قليل من الأشخاص. النقد أو المراقبة ليست دائمًا تنمرًا. على سبيل المثال، النقد الموضوعي والبناء والإجراءات التأديبية المرتبطة مباشرة بالسلوك في مكان العمل أو الأداء الوظيفي لا تعتبر تنمرًا.
بينما النقد الذي يهدف إلى تخويف أو إذلال أو عزل أي شخص دون سبب يعتبر تنمرًا. وفقًا لجمعية التنمر في مكان العمل Workplace Bullying Institute، فإن أكثر من 60 مليون عامل في الولايات المتحدة الامريكية يتأثرون بالتنمر. بالرغم من أن القوانين الفيدرالية الحالية في اميركا تحمي العمال فقط من التنمر عندما ينطوي على ضرر جسدي أو عندما ينتمي المتنمر عليه (الضحية) إلى مجموعة محمية، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة أو الأشخاص ملونين البشرة
لكن في مؤسسات عملهم يوجد لوائح وقوانين للتعامل مع المتنمرين لكن في مؤسساتنا العربية لوائحنا وقوانيننا خالية من أي بنود للتعامل مع المتنمرين.
أنواع التنمر في مكان العمل :
معظم أنواع التنمر الظاهرة على الافراد هي التنمر الجسدي. لكن يجب ان لا نغفل أنه نظرًا لأن التنمر غالبًا ما يكون لفظيًا أو نفسيًا بطبيعته، فقد لا يكون دائمًا مرئيًا للآخرين.
هناك أنواع متعددة من التنمر في مكان العمل وفي هذا المقال سنركز على سلوكيات المتنمر وفي مقال اخر سنتحدث عن أنواع التنمر.
قد تكون سلوكيات التنمر:
1- شفهية: يمكن أن يشمل ذلك السخرية أو الإذلال أو النكات أو النميمة والاشاعات أو غيرها من الإساءات المنطوقة.
2- التهديد: ترهيب، وتخويف الشخص. قد يشمل ذلك التهديدات أو الإقصاء الاجتماعي في مكان العمل أو التجسس أو غير ذلك من أشكال انتهاك الخصوصية.
3- انتقامية: في بعض الحالات، قد يؤدي التبليغ عن المتنمر إلى اتهامات الضحية بالكذب أو مزيد من الاستبداد عليه أو رفض الترقيات أو أي أعمال انتقامية أخرى.
4- الأمور المتعلقة بأداء العمل: وتشمل اللوم غير المشروع أو تخريب العمل أو التدخل أو سرقة الأفكار أو الحصول على الفضل فيها.
5- مؤسسية: يحدث التنمر المؤسسي عندما يقبل مكان العمل والإدارات العليا في العمل التنمر ويسمح به بل ويشجعه. ولا يعاقب المتنمر بل يقوم المتنفذين في الادارات العليا في حماية المتنمر لأهداف شخصية.
وقد يتضمن هذا التنمر أهدافًا إنتاجية غير واقعية، أو إجبار على العمل الإضافي ، أو تحديد أولئك الذين لا يستطيعون المواكبة.
أبعاد التنمر الوظيفي
تعددت أبعاد التنمر الوظيفي
أولها : التنمر اللفظي والذي يعد أحد أشــــكال التنمر الوظيفي وتتمثل ســـلوكياته فى الإهانات ، الشـــتائم وســـوء المعاملة أو التهديد للعاملين ، أو التعنيف، أو الإشاعات الكاذبة ، أو إعطاء ألقاب ومســميات ، أو إعطاء تســمية عرقية أو تنبذ بألقاب ســيئة
وثانيها : التنمر الجسدي والذي يعكس سـلوكيات مثل العنف الجسدي ، والتهديد بالقوى البدنية أو الأذى الجسدي وحركات جسدية ذات معنى غير لائق مثل الضرب، والدفع، والعرقلة وايقاع الاخر وغيرها.
وثالثها : التنمر النفسي والذى يشير إلى إطلاق بعض الأفعال غير الجيدة، كالنظرات والهمسات، واذلال العاملين والتقليل من قيمتهم، ومنعهم من ممارســة بعض الأنشطة بإقصــائهم
وأخيرا : التنمر عبر الإنترنت/ الإلكترونى والذى يعكس وضـــع أو بالســــر أمور مهينة للشــــخص ســــواء علن على وســــائل التواصــــل الإجتماعي أو مجموعات العاملين الإلكترونية مثل مجموعات "وما يشــــــمله من رســــــائل، وصــــــور، وفيديوهات، وتشـــويه ســـمعة، أو رفض مصـــادقته عبر تلك الوســـائل.
آثار التنمر الوظيفي فى بيئة العمل
ومن آثار التنمر الوظيفي فى بيئة العمل هو شعور العاملون ضحية التنمر بالتدهور النفسي ايذاء مشاعره وتهديد والرغبة في الابتعاد السريع عن المؤثر الخارجي المستمر المتنمر واحتياجاته خارج العمل والتزاماته العائلية التي يواجهها، وتهميش دوره الوظيفي وتقليص صلاحياته رغبة إلى جانب الشعور بالعنف البدني وهو صورة أخرى للتنمر والتعدي على الآخر، والتعرض لأساليب من القهر كلها تهدف إلى الإحباط
جمعية التنمر في مكان العمل Workplace Bullying
من الذي يتعرض للتنمر ومن يقوم بالتنمر؟
وفقًا لبحث جمعية التنمر في مكان العمل Workplace Bullying عام 2019 أنه يمكن لأي شخص أن يتنمر على الآخرين. حيث وجدت الدراسة أن حوالي 70 بالمائة من المتنمرين هم من الذكور، وحوالي 30 بالمائة من الإناث. من المرجح أن يستهدف المتنمرون من الذكور والإناث النساء.
61 بالمائة من التنمر يأتي من الرؤساء أو المشرفين. و33 في المئة تأتي من زملاء العمل. تحدث نسبة الـ 6 في المئة المتبقية عندما يتنمر الأشخاص في مستويات التوظيف المنخفضة على المشرفين عليهم أو غيرهم ممن فوقهم. ووجدت الدراسة أن التنمر قد يحدث من المديرين بسبب إساءة استخدام السلطة، بما في ذلك مراجعات الأداء السلبية غير المبررة، أو الصراخ أو التهديد بالفصل من العمل أو خفض الرتبة ، أو رفض الإجازة أو النقل إلى قسم آخر، او سرقة عمل الضحية او التخريب عليه.
وفقًا لنفس الدراسة 2019 من جمعية Workplace Bullying Institute، يعتقد الناس أن هدف المتنمر كان أكثر ميلًا إلى الافراد ألذين يكونوا طيبين وعطوفين ومتعاونين ومقبولين ومتميزين في العمل.
وبالإشارة الى بيئات العمل التي يحدث التنمر فيها بشكل متكرر أكدت الدراسة أن تلك البيئات تتصف بأنها بيئات عمل مرهقة أو تتغير بشكل متكرر، وتفرض أعباء عمل ثقيلة على الموظفين، و لديها سياسات غير واضحة حول سلوك رؤساء العمل والمسؤولين، ولديها ضعف التواصل والعلاقات مع الموظفين. إضافة الى ان لديها العديد من الموظفين الذين يشعرون بالملل أو القلق بشأن الأمن الوظيفي. لديها الكثير من الموظفين الذين يشعرون بالظلم وعدم تحقيق العدالة في مكان العمل. وبيئة تتصف بالفساد الاداري والبعد عن النزاهة والشفافية.
كيف يمكن أن يؤثر التنمر على صحتك؟
يمكن أن يكون للتنمر آثار خطيرة على الصحة البدنية والعقلية ، في حين أن ترك الوظيفة أو تغيير الأقسام يمكن أن ينهي البلطجة، فهذا ليس ممكنًا دائمًا. حتى عندما يمكنك إخراج نفسك من بيئة التنمر، يمكن أن يستمر تأثير التنمر لفترة طويلة بعد توقف التنمر.
اثار التنمر على الصحة البدنية :
ومن اثار التنمر على الصحة البدنية: الشعور بالغثيان أو القلق قبل العمل أو عند التفكير في العمل، أعراض جسدية، مثل مشاكل في الجهاز الهضمي أو ارتفاع ضغط الدم، مخاطر أعلى للإصابة بمرض السكري، صعوبة في الاستيقاظ أو الحصول على نوم جيد، أعراض جسدية اخرى، مثل الصداع وانخفاض الشهية.
الآثار النفسية للتنمر :
اما الآثار النفسية للتنمر فهي:
التفكير والقلق بشأن العمل باستمرار، حتى أثناء الإجازة، الخوف من العمل والرغبة في البقاء في المنزل، الحاجة إلى إجازة للتعافي من الإجهاد، فقدان الاهتمام بالأشياء التي يحب القيام بها عادة، زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، أفكار انتحارية، احترام الذات متدني.
ان مؤسساتنا العربية بكل أنواعها يجب ان تتبنى استراتيجية لوقاية العاملين فيها من التنمر والعمل بكل نزاهة وشفافية ووضع معايير واضحة لرؤساء الاقسام والمشرفين والعاملين في المراكز العليا لإحلال العدل دون تحيز للأشخاص وان تكون المصلحة العامة للمؤسسة هي في المقام الأول لأن المؤسسات هي ليست مؤسسات افراد!!!
مواضيع مفيده وقيمه تفيدنا في الحياة العملية .. دائماً متميز وقائداً دمت ودامت انجازاتك في العالي ..شكراً لك ولمجهودك الكبير
ردحذف