مدونة | الدكتور محمد طاهر صالح مدونة | الدكتور محمد طاهر صالح

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الدكتور محمد طاهر صالح - دكتور جامعي حاصل على الدكتوراه في مجال إدارة الاعمال والتسويق من جامعة قناة السويس . مصر - مستشار دولي في مجال الاستيراد والتصدير من معهد منظمة التجارة العالمية - مستشار تحكيم دولي في مجال منازعات الاستثمار وحقوق الملكية الفكرية من جامعة القاهرة . مصر - عضو المستشارين العرب والدوليين في مجال عقود الملكية الفكرية والمنازعات المصرفية من المعهد الامريكي للتدريب والتنمية في مصر - خبير في إعداد درسات الجدوى وإدارة وتقييم المشاريع - خبير في مجال التحليل الاحصائي عبر برنامج SPSS

  1. غير معرف9/24/2020 8:23 م

    ما شاء الله تبارك الله
    مقال ولا أروع كل شيء فيه جميل ومميز ولا يقل روعةً عنك يا تامر
    واصل يا تامر إبداعك

    ردحذف
  2. جُدتَ فأجدت
    فعلاً فالمجمتع يعاني من كارثة عاطفية لاتقل عن جائحة كورونا فهي إن وُجدت بأسرة ما أحرقت العلاقة بين أفرادها بل وقد تصل شرارتها للأحفاد
    وهذه الجحيم تكون تداعياتها في المدى البعيد أي أنها تكون تراكمية
    موقف إثر موقف حتى تستنزفه فتجعل من المُصاب
    مُدقّع العاطفة ، هَش الكيان ، مشوّش الفكر
    فاقد الثقة ،
    هناك دراسات وإحصائيات تؤكد أن من لا يقيمون للعاطفة أيّة وزن ولا يمخرون عباب هذا البحر العظيم أن أغلبهم كانو في الصغر ضحايا القسوة والشُح العاطفي في الأسرة أو في البيئة التي تشكلت طينتهم فيها وهناك نماذج حيّة من هولاء يعيشون بيننا .
    فالعاطفة تعمق العلاقة بين أفراد الأسرة وتفعمها بالوِد
    وتجعل من المجتمع متآصراً ، وقد صدق سيدنا النبي حيث قال " المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً "وذلك البناء لن يَشِدُ بعضهُ إلا إذا تشبّع الأفراد بالعاطفة النقية التي لا يشوبها مغزىً دنيئ .
    أرى أن عادتنا وتقاليدنا جعلت العاطفة الأسرية ذَبيحة لها ولم يفتديها أحدٍ إلا القلة ممّن تبقّت فيهم براءة الطفل وروح الله ،
    فترى فينا آباء لم يعانق إبنه ذو الإثني عشرة عاماً بحكم أنه أصبح كبيراً ، وكذلك البنت
    لا تسمع كلام ليّن من أخوتها بل والبعض يعاملها كجارية في البيت ، وهَلم جرّا .
    هناك تضارب في العادات والتقاليد في بلادنا
    تجعل مؤشر العاطفة في حق الأسرة تنزل لدرجة الصفر أحياناً ، بينما خارج الأسرة ترى المؤشر يتجاوز المئة وسأضرب مثال من الواقع ، كثيراً ما نسمع عن مصطلح "التحكيم القَبَلي" فلو اقتربنا عن القضايا تجد البعض منها من الحرام أن يُتعاطف معها كثيراً ما نسمع عن إعتداءات ، قتل ، إضرار بالغير وممتلكاتهم ، وغير ذلك ثم تجد العادات والتقاليد حاضرة كل الحضور هنا نافخةً صدرها بأنها إحتوت القضية وأنها جَسدت معنى التسامح والرحمة والإخاء
    فترى المعتدي أو القاتل أو المجرم يأتي مع أعيان ويعتذر عن فعلته والمعتدى عليه يقبل ذلك وهذا يكون تحت ضغوط العادات وبتزييف معنى الكرم والصفح والصُلح الإجتماعي .
    بينما داخل الأسرة لا يحق للبنت أن ترفض من تقدم لخطبتها ، ولا يحق لها إبداء رأيها في الكثير من المواقف .
    وإذا أخطأ الولد في البيت تُقام الدنيا ولت تقعد وهناك حالات تعنيف من قبل الأباء والمربيين أسبابها تافهة.

    إذاً يجب أن يكون الوالدين واعين بهذا الجانب ، حتى تكون الأسرة أكثر سعادة
    و لو وُجدت هناك ثغرة في الوسط العاطفي الأسري لكانت اللعنة لتُسرّب الحاجة لتُشبَع من خارج الإطار الأسري وهذا ينذر بالطوفان
    خصوصاً في ظل الإنترنت.
    اااااااااااهٍ وأواهُ
    لو رَبّت ذلك الأب على كتف إبنه وعانقه
    لو أسنده حين أمالته البيئة، والفكرة ، والشيطان لَما أدمن َوسَلك شمالاً
    وتلك الأم لو كَفّت عن نعت إبنتها بالعديمة الإحساس وقليلة الفائدة ، ووابل الشتائم التي تفجرها ليل نهار بوجه إبنتها لَما أصبحت لقمة سائغة لذئاب هذا الوقت .
    أما المُربّي والمعلم لو واجها إجابات الصغار الغريبة والمغلوطة بصدرٍ رحب وإبتسامة عريضة ، لاصوتٍ أجَش وجبين قاطب
    لأصبحوا محبين للعلم شغوفين للمعرفة باحثين عن الحقيقة .

    أمّا عن جحيم العاطفة في علاقات الحب
    لقد تناولتها بمنتهى المصداقية ، وأنا أرى أن الزواج الفاشل والذي كان سابق عن حب وقد ينتهي بالطلاق أو الطلاق العاطفي لم يكن حباً روح مقابل روح
    لقد كان أحدهم ينظر للآخر على أساس مادي وأنه سيمتلكه وهذا لدى الرجال بكثرة فتراه ينسبها إليه "زوجتي" فيجعل ياء النسب يطارد هذه الزوجة بكل مفردٍ يخصها فتراه يفكر عنها ويختار لها ويقرر بدلاً عنها .
    ولا سيما أن بعض النساء تتبع هذا الإسلوب السلعي ، وهذا يفقد العلاقة الزوجية رونقها الذي كان أيام العشق.

    لذلك لم يكن عنوان مقالك مجرد سطر كُتِبَ بالخط العريض على هذه المدوّنة الكريمة .
    كان ينبغي أن يُصدَر كمرسوماً ليُقنن فنقضي يداً بيد على هذا الوباء .
    لقد أصبتَ وصوّبت غَيم محبرتك لتغدق علينا بخير ما أملاه فكرك النَيّر لله درُّك يا عزيزي .

    ردحذف
  3. جُدتَ فأجدت
    فعلاً فالمجمتع يعاني من كارثة عاطفية لاتقل عن جائحة كورونا فهي إن وُجدت بأسرة ما أحرقت العلاقة بين أفرادها بل وقد تصل شرارتها للأحفاد
    وهذه الجحيم تكون تداعياتها في المدى البعيد أي أنها تكون تراكمية
    موقف إثر موقف حتى تستنزفه فتجعل من المُصاب
    مُدقّع العاطفة ، هَش الكيان ، مشوّش الفكر
    فاقد الثقة ،
    هناك دراسات وإحصائيات تؤكد أن من لا يقيمون للعاطفة أيّة وزن ولا يمخرون عباب هذا البحر العظيم أن أغلبهم كانو في الصغر ضحايا القسوة والشُح العاطفي في الأسرة أو في البيئة التي تشكلت طينتهم فيها وهناك نماذج حيّة من هولاء يعيشون بيننا .
    فالعاطفة تعمق العلاقة بين أفراد الأسرة وتفعمها بالوِد
    وتجعل من المجتمع متآصراً ، وقد صدق سيدنا النبي حيث قال " المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً "وذلك البناء لن يَشِدُ بعضهُ إلا إذا تشبّع الأفراد بالعاطفة النقية التي لا يشوبها مغزىً دنيئ .
    أرى أن عادتنا وتقاليدنا جعلت العاطفة الأسرية ذَبيحة لها ولم يفتديها أحدٍ إلا القلة ممّن تبقّت فيهم براءة الطفل وروح الله ،
    فترى فينا آباء لم يعانق إبنه ذو الإثني عشرة عاماً بحكم أنه أصبح كبيراً ، وكذلك البنت
    لا تسمع كلام ليّن من أخوتها بل والبعض يعاملها كجارية في البيت ، وهَلم جرّا .
    هناك تضارب في العادات والتقاليد في بلادنا
    تجعل مؤشر العاطفة في حق الأسرة تنزل لدرجة الصفر أحياناً ، بينما خارج الأسرة ترى المؤشر يتجاوز المئة وسأضرب مثال من الواقع ، كثيراً ما نسمع عن مصطلح "التحكيم القَبَلي" فلو اقتربنا عن القضايا تجد البعض منها من الحرام أن يُتعاطف معها كثيراً ما نسمع عن إعتداءات ، قتل ، إضرار بالغير وممتلكاتهم ، وغير ذلك ثم تجد العادات والتقاليد حاضرة كل الحضور هنا نافخةً صدرها بأنها إحتوت القضية وأنها جَسدت معنى التسامح والرحمة والإخاء
    فترى المعتدي أو القاتل أو المجرم يأتي مع أعيان ويعتذر عن فعلته والمعتدى عليه يقبل ذلك وهذا يكون تحت ضغوط العادات وبتزييف معنى الكرم والصفح والصُلح الإجتماعي .
    بينما داخل الأسرة لا يحق للبنت أن ترفض من تقدم لخطبتها ، ولا يحق لها إبداء رأيها في الكثير من المواقف .
    وإذا أخطأ الولد في البيت تُقام الدنيا ولت تقعد وهناك حالات تعنيف من قبل الأباء والمربيين أسبابها تافهة.

    إذاً يجب أن يكون الوالدين واعين بهذا الجانب ، حتى تكون الأسرة أكثر سعادة
    و لو وُجدت هناك ثغرة في الوسط العاطفي الأسري لكانت اللعنة لتُسرّب الحاجة لتُشبَع من خارج الإطار الأسري وهذا ينذر بالطوفان
    خصوصاً في ظل الإنترنت.
    اااااااااااهٍ وأواهُ
    لو رَبّت ذلك الأب على كتف إبنه وعانقه
    لو أسنده حين أمالته البيئة، والفكرة ، والشيطان لَما أدمن َوسَلك شمالاً
    وتلك الأم لو كَفّت عن نعت إبنتها بالعديمة الإحساس وقليلة الفائدة ، ووابل الشتائم التي تفجرها ليل نهار بوجه إبنتها لَما أصبحت لقمة سائغة لذئاب هذا الوقت .
    أما المُربّي والمعلم لو واجها إجابات الصغار الغريبة والمغلوطة بصدرٍ رحب وإبتسامة عريضة ، لاصوتٍ أجَش وجبين قاطب
    لأصبحوا محبين للعلم شغوفين للمعرفة باحثين عن الحقيقة .

    أمّا عن جحيم العاطفة في علاقات الحب
    لقد تناولتها بمنتهى المصداقية ، وأنا أرى أن الزواج الفاشل والذي كان سابق عن حب وقد ينتهي بالطلاق أو الطلاق العاطفي لم يكن حباً روح مقابل روح
    لقد كان أحدهم ينظر للآخر على أساس مادي وأنه سيمتلكه وهذا لدى الرجال بكثرة فتراه ينسبها إليه "زوجتي" فيجعل ياء النسب يطارد هذه الزوجة بكل مفردٍ يخصها فتراه يفكر عنها ويختار لها ويقرر بدلاً عنها .
    ولا سيما أن بعض النساء تتبع هذا الإسلوب السلعي ، وهذا يفقد العلاقة الزوجية رونقها الذي كان أيام العشق.

    لذلك لم يكن عنوان مقالك مجرد سطر كُتِبَ بالخط العريض على هذه المدوّنة الكريمة .
    كان ينبغي أن يُصدَر كمرسوماً ليُقنن فنقضي يداً بيد على هذا الوباء .
    لقد أصبتَ وصوّبت غَيم محبرتك لتغدق علينا بخير ما أملاه فكرك النَيّر لله درُّك يا عزيزي .

    ردحذف
  4. صحيح من يمتلك العاطفة سيعيش حياة هادئة ومستقرة ومنسجمة
    سيحبه الناس وسوف يتعايش معهم
    لكن المهم ألا تصل العاطفة لدرجة أن تسكت عن الخطأ
    أو تجامل شخص بسبب عاطفتك الزائدة فالعاطفة الزائدة لا تدعك تعبر عن ما تريد قوله أو فعله.
    وجهة نظري

    ردحذف

جحيم العاطفة

 جـحـيـم العاطـفــة 

ربما كانت العاطفة هي الفيِّصل الوحيد بين الخيـر والشـر وبين الإنسانية العظيمة والقهر المتمرس والقاطن في حفر الظلام المُوحش، وقد نستطيع القول حينها أن الإنسان يحتاج لأن يكون عظيما ويرتقي عن الحيوانية التي تشاركه الكثير في مدلولاته لبقائه ومكثه لشقائه وتمايزه لذكائه السلوكي

والإرادي نحو طبيعته، ولكنه يرتقي بما تميز فضلا وليس طاقة بروح الله التي صنعت له مهد الإنطلاق في التفكر والتمييز بكل ما حوله بالعاطفة الأصولية والبصيرة الباطنة والعقل المدبر لكل تصرف وموقف بالحب والرحمة والشعور بالأمن والإشعار بالأمان والتنعم بنعمة الله في تركيز الإستقرار وتوطين السلام في المجتمعات البشرية برمتها، حتى يُميـز نفسه عن الحيوانية الجسدية والحركية والمتعملقة في بقائها بما تريد فقط.

ومن هنـا يُمكن القول بأن العاطفة هي وتيـرة المجتمع المثالي وقالبه الحيوي في دائرة البنـاء الواسع للكيانات الروحية والنفسية والمعرفية، لا سيما الأسرة العربيـة المعتدلة في طقوسها ومراسم تحضيرها لِما تعرفهُ من أصـول في تأسيس كيان أُسري لترعرع ونشأة جيل ثابت الإِتـزان ودائم النشاط وواسع الخيال ويقظ التفكير وناعم برؤية التخيير للتغيير الشمولي والتعبير عن العبير الفواح الذي تُنتجهُ طبيعتهم السمحة ورجائهم الطيب ومنالهم المثابر ورجاحتهم البريئة نحو المثالية والشعور والتدفق الفكري المتجانس في الرقة والعذب الإحساس، وهذا فقط سيحصل إن أُشبع هذا الجيل بالعاطفة من كل من حوله بدون استثناء للروح أو استغناء لما سِواها، نعــم فالعاطفة هي كل شيء ولا شـيء غيـرها 

إن العاطفة هي نبض الحياة العصرية ورمـزٌ للحضارة البشرية ونموذج للأسرة المثالية وقيمة للحب الأحادي، إن مصطلح العاطفة تجرهُ ألسُن الجميع لتُعبر به عن الشعور والحاجة إلى المفقود والموجود معا في حلقةٍ واحدة ونسيج حيوي واحد،

فقد تجد أحدهم يبحث عن الإستقرار العاطفي في كوخ الزوجية، وآخر يبحث عن الدفء العاطفي لأسرته وصَحبه وآخر يبحث عن الوجد العاطفي للشعور بالطمأنينة، وآخر تجده في فراغٍ عاطفيٍ باخـع ولاذع لأفكاره ولحظاته، وآخر يبحث عن نفسه في الاغتـراب العاطفي فيتيه في غربته وكربته، وطِفلٌ تـراه في كبته للمشاعر والإلتماس عن  إحساسه بيُتـمٍ عاطفي مؤلم فمِما يشكو ومِما ينحو،  فما فيه من جفاف عاطفي قد لا يجعله إلا ضحية المتغيرات وتصفية الحسابات التي يرى أرقامها ويقف أمامها جاثيا حابيا فلا ارتجافٌ ولا اجتفاف، وما كان يشكو منه حاجة تطلبت منه البحث والسعي عمن يرشده إلى العاطفة فرغبته أمـرٌ لا سبيل من الهروب منه؛ لأن الإنسان بحد ذاتـه فُطر عليها لذا سيبحث عنها إن لم يجدها طوع بنانه ودفء عصامه، ومن هنا ظل الإنسان العامل الأبرز في فروقات الحياة ومظاهرها النفسية والوجدانية، لا سيما وأنه منذ قرون عِدة بات يبحث عن نفسه ويبحث عن شخصه الأسمى في خليج قرينه الأعمى والكوني،

فها هو أبونا آدم يشعر بالوحدة والحسرة المرحلية والجفاف العاطفي القاتل الذي بعثر تفكيره وجعله محتارًا في النقص الذي يسري في جوفه وخوفه، ولا تُدرك روحه البشرية كل ذلك إلا بالحكمة المطلقة فقط، فها هو ينـام وحيدًا في ليلته الحالكةَ الظلام والبائسة والدامسة بلون السُحب السود والحاجبةُ لمحيطه المجهول، وفي لحظة تمنيه لِما لا يعرف وترويه لِما سيكون في قادم الزمن، وربما كانت حاجته للعاطفة والود والسكينة هو مصدر الريبـة الذي كان يُشكل النقص الكامل في سيره  وصبره وعيشه وكدره في حياته ودنياه أجمع، ها هو يصحو على الوجه الجميل الذي لم ترى مقلتيه له مثيل ولا بديل للحس والمقارنة فهو من سيكون المؤنس في حياته والخليل في عداوته ونداوته والرقيق في سكينته والرفيق في غربته وأوجاع رحلته والضوء المشرق في ظلمته والدليل لكل غاية وحريـة يطمح لها، ومن هنـا كانت العاطفة وبدأت تجري في بستان الحياة بالوجه الذي لا يُرى لمثله نظير أو مثيل فهو وجه الحليمة حواء، التي عاش سيدنا آدم جوهر الإستقرار معها واكتفى بعاطفتها وحبها وشعورها تجاه وحدته، وبلغت منتهى الحب والكمال من تمام حُبه لها وإحساسه نحوها وما كان غير ملموس قد صار اليوم محسوس في رقتها وقربها منه. 

فالعاطفة بمزيج معانيها تشكل ثقافة المجتمع المتحضر والناضج، فهي مقياس فريد من نوعه يُقاس بها تقدم المجتمع من اِنحطاطه وتصدر الدولة وأولِيتها من تخلفها وتأخرها، فلا قهر ولا صخر فنهر العاطفة يحتوي القلوب الطيبة والذكية ناهيك عن معانيها الجميلة والمتعددة فالاِحتواء العاطفي كفيل للجماعة بالأُنس والتراحم كلاً تجاه الآخر بمشاعره ومآربه ومحاربه، وكذاك كفيلٌ للأسرة بأن تكون متلاحمة ومتماسكة لا يشرد أحد منها لنفور أو اِضطهاد أو حرمان أو اِصطياد لأي ثغرة أو نائبة.

 إنَّ العاطفة المثالية يجب أن تضمن البقاء وتُزيح الشقاء وتديم النقاء وتخلق بسمةً وصفاء لكل من يبحث عنها فلا شك أنها تدفع التقدير والإنتماء لمن يُريد وتقطع بالجحيم والنديم لمن يَحيد، فقد لا تظن أن شُكر المعلم لتلميذه يُشعرهُ بـذروة النجاح وسعة الهمة، فلا يمكن أن يكسر قلبه ويقول له من أين أتيت بهذه الإجابة إنها خاطئة وبعيدة عن درسنا لهذا اليوم، هذا ما يفعله فقط بتشديده وتمعنه في ما يقوله كل تلميذ وقضاءه على مبدأ المشاركة والعصف الذهني للعملية التعليمية، ولا يدرك أنه كان بوسعه أن يقول له إجابـة رائعة شكراً لك، ولكنها إجابـة لسؤال آخر كنت سأطرحه عليكم بعد هذا السؤال، حيث ستجوب العاطفة قلوب الجميع وليس ذلك التلميذ فقط، ولك أن تعرف أن ثنـاء الأب لأبنتهِ يُشعرها بالارتياح والثقة  وتقبيل الأم لولدها سيُشعره بالرضا والفلاح ويعطيه كعبا عاليا في الصبر والسماح، وكلمات الذوق والرونق والشَهد والسورق من المرأة لزوجها يُعطيه الأمان وراحة البال والانشراح، وتفقد الجار لجاره ومواساته دوما تجلب إلى قلبه الأفراح ومهما كانت همومه ومآسيه فسوف تنزاح، نعـم ستكون كذلك إن مجتمعنا يُخبـر عن وجود أزمـة عاطفية منقطعة النظير وحيث أن الاِحتواء المثالي لها هو الإنتباه للكلمات التي قد تجتاح القلب فتغمره بغمامةٍ داكنة وتُحدث شـرود للعقل والخاطر وتشكل الاستلاب والانقلاب نحو ثورة يبدأ القلب بتنسيق مسارها والروح بتصحيح منالها وأي منالٍ ستحط الروح بهجتها فيه إذا كانت مظلومة، نعـم فقد يفلت ولدك من بين يديك إن كان اللوم دائم والتأنيب صارم وقاسم والتهذيب غير نافع وحازم وقد تعيش أبنتك في ظلمة التخبطات العاطفية كأنها في أرضٍ لا تطلع عليها الشمس ثم أين المفر؟ وإلى أين الفرار والهُلاس والسُلاس قد أصاَباها وهي راكدة في الصدى كأنها صدى، فلا هي غيلمٌ ولا عيلم، فهي تحتاج للدفء الأسري من أبيها وأمها وتحتاج للتقدير والإنتماء من أخيها وأختها، فما أجمل اللحظة التي يُقبَّـلُ فيها الأب يد أبنتهِ ويُعطيها الأمان وما أجمل الأم تدعو لأبنها بالتوفيق وما أجمل إحترام الأخ لأخيه والاِستماع لنُصحه، وما أجمل الحبيب يُنسي شعور حبيبه السيء، والزوج يذود بالرد والصد عن زَوجه ويجعلها عَمرانة غيـَّر حسرانة ورضيانة غيـر ندمانة فكل ما نبحث عنه في الحياة يكون جميلاً حين نـريد أن يكون كذلك؛ فالصديق نحن من نريد أن يكون جميل فعلينا أن نحقق الإرادة وندفعه بالسلوك والحب والوفاء أن يكون مُعينا لنفسه وأن يكون جميلاً لغيـره يُساعد ويُناجد، يُحقق الإبتسامة ويرسمها للجميع، هنا يسود الإستقرار العاطفي شمولياً وحينها لا حاجة للبحث عن العاطفة ولا حاجة للاغتراب والاضطراب في كل محيط الكون. 

 رسـالـة العـاطفـة 

 تأبى العاطفة أن تكون جحيماً مليئـاً بنبض وخفق التُعس والعبوس، ومهما نطقت أصواتها وتحدث قلبـُها وأُطلـق العنـان لهزيم الكلمات التي تُعبَّر عن الصبر في معارف الجمود والثبات، فلن تُصبح شاردةً في رُبوع الويلات  ورُهول العَبرات وهـول العِلات الذابحة والباذخة في وصف مُفترقات المشاعر ونبـوت الأحاسيس، ولكن الجمـلة التي تظل عالقةً تخطر وتبـدر لذهنٍ يتقارن فيه التائه في ظُلمة طريقه والنادمٌ لحزب ظالته بما يسعى ويَزيد، ويعتقد كلاهما أنه الأكثر عرف والأجدر قرب من غير دعوىٰ لتكنهات السُبل الفائته، إنما تحاول تسيـُّب الأدلـة نحو منعرجات الفكر، إن العاطفة لا تقتل القلوب ولا تذبح النحيرة في العذل أو تقطع الوتيرة في البذل، فما في الحقيقة أن الفردانية لا تجري أو تسير بدون موجات العاطفة الروحية والمجتمع لا يُناضل أو يُصابـر بدون العاطفة النفسية والاِنسجام المُجتمعي العاضد على توحد الجملة والمُعتضد بتجدد الكلمة وتعلم الحكمة والعزوف عن النغمة التي تقرب العاطفة للنقمة، وحيث لا تُشتهى الأمنيات تكمن مظانين الخوف لعـزل النعمة عن مدلوها وتفريغها من مضمونها للظلمة وفي محاولة تحريرها من أفاليل وتغاريد الرحمة نحو المصير والمُنعطف العاصف والحاصف والناصف لدينونةٍ غابت عن الوعي المُنحط في مجتمعنا الذي لا يحمل الأساليب ولا المطاليب ولا المحاريب الممتلئة بالزبد السائل والحبر الذابل على الورق، أو ليس على المجتمع أن ينظر  للعاطفة بأنها حل لمشاكلٍ كثيرة ودروب امتلأت بالعُقم الفكري والتراكم الحبـري المزدوج، وأن نظرته للعاطفة بأنها نقمة في محتواها ولِذة محصورة في زاوية وحب وغواية في مُنتهاها وجحيم صارف عن الحق والهداية، نعـم هم هكذا ينظرون إليها وهذا ما يقتل الحياة ويُحيِّي ذنائب الفـزع النفسي والضروح المُماطلة لصرح المكوث في زلَّة التنعيم على تخالج وتعالج الحرية في فضاء الاِشتياق للعاطفة والبعد عن العاصفة المُميتة والمُحيدة عن واقعنا الغزيز بحبس النضائر وقيد النظائرعن جحود الحب والاستقرار والتي وجب النظر إليها ولو بنزرٍ يسير على أنها تعني التسامح والتراحم والإحساس المليء بالحب والمشاعر المتدفقة بالفهم والتصوير والسلوك القويم والمستقيم في السير والمسير والموقف العفوي والصفوي إزاء كل البشرية.

 حالـة الاحتـماء والاجتيـاف العـاطـفي

صديقي مالك ربما حدثني كثيرا عما يشعر به من اِفتقاد لنفسه وبحثه عن الأمان العاطفي لروحه التي لا تكاد تستقر في شُعلة ولا مَنبت ولا مقصورةٍ أو مِحرابْ فدوما ما يجد ذاتهُ ترجع إلى نفسٍ بحالـة الطفل الصغير الذي يلـوذ بأمه دائمـاً ويلتصق بها، كأنهُ جسد يذوب في جسد ومَبرد يلتحم في رمزيته وسِندانٌ طَرقت على غلاف النجدة، فكأنهُ حين يحتمي بأمه يُريد العودة إلى العالم الذي يُشعره بالأمان والاطمئنان، لكنه لا يبوح أو حتى ينوح فهو في تبعية وذوبان لصمته الغريب ومبلغه العجيب ومقصده النجيب والذي يُثير الريبـة والقلـق والذي يَخشى على نفسه مِنـه، وربما فارق مُهجته وأزاح بهجته ووجـد نفسه غير جريء لاِنصاف نفسه مما يلقاهُ من العالم الخارجي والمُظلم في نظره؛ فلعل اِجتيافه ما كان تُعساً ولا بؤساً من فـراغ وضَياع وقت، وإنما من ظرفه المليء بشوكات الخداع وأوامر دان لها بتجاوبٍ وانصياع، وهل لنا أن نعرف أو نقول من  سيشعر به سوى أُمـه وتـاج رأسه ومصدر هيبته وقوتـه فهو يرى الأمان بقربها والعنان بوصلها والجنان بضحكتها ولا يحن إلا عالمه التكويني في أحشائها، لذلك يظل محتميا بها ولا ينتمي إلا إليها ولا يستنجد بغيرها عند مواجهة كل أخطار التفكير والتمرد البشري في الظلم والحرمان والجريمة، حيث أن الشرود الذي يُهدده بيـن الحين والآخـر ما هو إلا نتيجةً لعفويته وتسامحه مع محيطه القاصم والناقم من وطأة لاهثٍ يُريـد غرفة مـاء؛ ليمضي غايته التي ظل رَايتهُ بها قبـل أن يعرف نهايتهُ فيـها. 

 مينـاء العـاطفـة وتخلـف المجتمعات 

إن العاطفة التي تمر بين القلوب ومن القلوب لن يستقر بها مطاف في بحرٍ ولا مينـاء ولن يكون مرساها في نيـلٍ ولا نوفل، وهناك وقبـل أن تُطلق صفارة الإنـذار حيثما كانت القلوب وحيدة وحيثما كانت العاطفة تجتاح مظلـة التفكير عليـك أن تبحث عن الإستقرار والسكينة الروحية وإلا فالعاطفة ظلت كأسطورة لا تنبثـق سوى من فكر الضَلال ونمط الغَلال وردهـا على نقيض الحلال لدى من يعتبرونها كذلك غفر الله لهم،

إن الجرائم التي تحدث في المجتمعات والدول كان لها تأثيرا نسبيا حتى ظهور التنظيم الرسمي للعلاقات الاجتماعية( القانون ) فلم تحكم هذه القوانين البشر ضمن إطارات فكرية فقط بل تعدت لإقامة الحدود ومجالات التعامل، وهذا ما حد من الضجيـج الذي كانت تصدرهُ المجتمعات بسبـب التعاملات المفتوحة والعشوائية والتدخلات في الحقوق ولـمْ يستمر الأمـر عند ذلـك حتى كان الوسيط له دورا رسميا في قطع هذه التصرفات التداخلية وجعل الوثائق والصكوك والسندات كبنود لتعاملات المجتمعات ولكن الجريمة الأكبر التي لم يكن لها حد أو رادع هي جريمة الحرمان العاطفي( الأُسري ) والمجتمعي وهو ما أمكن القول أنها أحد أهم المجالات التي تخلفت بها المجتمعات وتقدمت بها مجتمعات أُخرى، فصارت إلى ما صارت وصِرنا كشعبٍ ومجتمع مِن مَن يواكبون التخلف العاطفي ومـن لا يمكن أن يُصدق أن النزعة العاطفية تجعل الفرد يشرد في التفكير والتعبير الداخلي من دون أن يدري ما الذي ينقصه وما الذي يبحث عنه وتـراه تائهاً خائفاً من مشهد التصوير الذي يدك حصونه ويحرق متونه ويذيب عيونه في ذلك.

 عاطفـة الجحيـم في علاقات الحـب 

تبحث اليوم علاقات الحب في مجتمعنا عن التواصل الدائم والاِقتران المستمر بين كل عاشقين ذائقيـن مرارة وقسوة الحياة ويبحثان عن نفسيهما كلا في الآخر ويُجددا العلاقـة بالهمسات والنسمات التي تُخالج روحيهما وتُبعثر شـرارة الماضي من قلبيهما وقد يكونا ناضجين ويشعُرا بما يقومان به، وريثما يحدث الإنسجام العاطفي والعلائقي يكتنف الغموض نفسيهما بعد تزاوج القلوب وتوحد العلاقة في مشهدٍ آخـر هو الزواج والعلاقة الدائمة، وهنـا بعد حينٍ وأمـد تمتـد بوصلة الأخطاء وسلسلة التصرفات الغير معهودة من كليهما بالنسبة للآخر، وتبـدأ رحلة المواقف المحرجة والعيوب المُتربة وكشف الريوب وفتح ما وراء الغيوب في ماضي القلوب الهائمة والعيون العائمة، فيدرك كلا منهما أن هناك نزعة غير مؤتلفة وقسوة غير مسبوقة بتغير التعامل الروحي إلى التهامل النفسي والذاتي بل والإحساسي المُفرط، وحيث كانت الصورة بينهما بسيطة برسم الفلسفة الخاطئـة وإظهار جانب الود والحب والتعبير الباسم بلون الورد الأحمر الخائم، وهـذا ما يُخفي الجانب الآخر الذي لم يكن يرغب كلاهما بتصويره للآخـر أو إخباره به؛ لأنهما ببساطة كانا يبحثا قبـل ذلك عن الهدوء والكلمات المتخالجة والمُعبرة عن ظُروف الحب وطُروف الخيال كلا حيال الآخر، وبعد كل هذه المَشاهد قدَّ يستمرا معا في الاِقتران كزوج وزوجة ودواليك من أيام ولحظات ستكون بينهما بالأنوِية والأنانية والتظلم والدونية، وهذا ما يُمكنه أن يقتل الجو العاطفي لديهما وتجاهيهِما وتجاه مستقبليهِما، فلو فكـرا قبل أن يُحبا بعض أن الحب لا يدوم وأن ظروف العصبية كثيرة وأنه كان الأجدر بهما أن يُفكرا كيف يكونان معا لتكوين أُسرة وجيـل صحيح فصيح لا تُقلبه مشاكلهما الذي قد يتربى على مشاجرة والديه ومواقفهما التعيسة ويشعر بأنه وحيد، وهنا هذه هي الأسرة التي يجب أن نسلط الضوء عليها فالأسر العصرية إنما عملية معالجة روحية لحالات الفقد العاطفي والطفرة العاطفية _ لكنما نحن نبحث عن صناعة جيل عاطفي مُمتلئ العاطفة يشعر بأن الدنيا كلها معه، ولنا أن نعلم كم يكون للدور التعليمي أهميـة في ذلك، وإلا فجحيم العاطفة سيكون كالهشيم والداء العُضال يجري مجرى النفس ويكسو الجبال والعيال ويزين الصحراء والعثراء. إن التفكير بعلاقات الحب والتناسب التفكيري يجب أن يرتبط في المستقبل وإن لم تحدث طقوس الحب المُمتلئة بـزيف المشاعر وتقديم البطولية عن فارس أحلامها حبا وملكة زمانه  وخياله خجلا، فمتى كانا أبوان حريصان على تأسيس القواعدة المتينة والحصون المنيعة بما سيكونا عليه وبما ستكمن مُهمتهما في الغد كمرشدين لأبناء المستقبل، فلا غرو ولا عجب أن نرى كل ذلك، فلا تقطع علاقة الحب بالعسل ثم تنثر البصل بعد اجتثاث من أحببتها وأصبحت في المعاناة لا تطلب إلا الرمح المانع لوجدها معك وقيدها عن سمومك المقنعة بأنياب الرئابيل والزنابيل. 

 أزمـة العاطفة في بئـر الصداقة 

ربما تكون الصداقات القوية هي من تحكم سير الشخصيات في صيرورة المجتمع وتخلق الأساسات المتينة لمقاومة المتغيرات الواجدة والمؤجلة، وإن أمكن القول أن نقول بأن الصداقة أصبحت ضمن إطارات محدودة وشبه معكوسة في كتلة محجوبةعن وصف الأسباب وقيد سرعتها، وما أظن أن الصداقة ترسم الحدود في أيٍ كان ولا تتبع إلا الإغواء والرياء ومبادئ الإحياء المدفونة في بئـر المتاهات، فلا صداقة تدوم بلا شورى سديدة ولا علاقة تدوم بلا لقاءتٍ عديدة ولا تواريخ تكتب بلا لحظاتٍ مجيدة؛ فإيِّاك أن تتركني لأمشِ وحيدا وقلبي يعتصر ألما وفؤادي ينتفض حُزنا وروحي ما لها من وجدٍ مُساندٍ ولا أملا، ويا صديقي كل صديق يحتفظ بصديقه؛ ليحصل على عاطفة النُصح والسَمح وترميم الجَرح وبـرء الصرح الشامخ باللحيح قبل الضريح، وهل لعاطفة الصداقة أن تبني مجدًا لكل إنسان ويصبح مرموقا وذو شأن لا ينتقِ إلا ما طاب ولا يقطف إلا ما يرتقي لطلبه ومطلبه، أجبني ولا تبحث عن الحياة القصيرة والتي لا تعرفها بعد، في ظل محاولةٍ مِنـك لاِستئناف قضية الشك المجهولــة. 

فــي سطــور 

لا يسعنا أن نقول شيئاً أو نزيد فالبحر بحـرٌ وإن كثرت مآقِيه والشجون، ومهما تقلصت سواقِيه والعيون، والشكوى في محيطه وعلى كاهله لن تهدهُ أو تكد هيجان موجه وفوجه، وهكذا العاطفة فهي  كالبحر تسع هموم الجميع وإن لم يكن لها عيون ترى أو آذانٌ تسمع، كما أن العاطفة لا تعني الحب ولا تقبل المصالح التي يتركها الحب رهن الأحداث والإنتساب؛ لأنه لا يُكابد العنـاء إلا من يبحث عـن العاطفة فهي تـأتِ وتذهب وتظهر وتغيب وتبرز وتزول بلمح البصر ووهل النظر تاركةً كل الضرر ورائها في مُجسمٍ وهمي فائق القدرة على الإبتزاز النوعي والذي ينقلك من إنسان إلى شبه إنسان ثم يرميك في مجرة العقاب بين الهِضاب وأدغال القوارض والضواري المُتجهمة في الفلاَّ ونهج الغاب المُتقوقع في النفوذ والقوة، وبعـد ذلك سيُقال كان هنالك إنسان لا يرى للعدوانية أن تسلب العاطفة فقط بل أنها تسلب حق العيش والتقارب، ولنُدرك أن النفور العاطفي ما هو إلا البُعد والجفى الذي يظهر بسبب عدم وجود الجذب العاطفي الذي يُقرب الشخص من أسرته والفرد من مجتمعه، والجذب العاطفي لا بد أن يتبعه الود وتصفية القلوب كُلاً تجاه الآخر، بـل وإحساسه بالتنوير والتقرب منه قدر المستطاع؛ لأن الحساب في الكلمات والرجوع للماضي هو ما يمحو توهج العاطفة ويبدلها بشرارة الحقد، فالعاطفة هي المشاعر الصادقة والخالقة لجو الإحساس النابع والجامع لنوبة الغضب أو لرشفة الكلمات المتناغمة والرنانة بعذوبتها والصادرة من الجوف حتى الطوف في أهازيج الفؤاد، والنـوف عن أهازيل السُهاد، فما للطفلِ سوى الإبتسامة والمكافأة بقطعة الشوكلاتة، وما للأم سوى كلمةٍ جميلة في صباحها الجديد ”صباح النور يا ورد الصباح وريح الفلاح ومصدر السعادة والنجاح ‟، وما للأب سوى تعاملك الصريح معه والصدق معه دائما فهو سيُعطيك الثقة نتيجةً لصدقك معه، وهنا تَخلق العاطفة معه بما يريد نحو ما تطلب وحين تشكره بكلمةٍ عذبة تسرق أنفاسهُ منه ويعجز عن الرد بمثلها حياء واستحياء فيكون الوجه مُضرجا بالإبتسامات ومُصدرًا لقلبـه كل الرضا عنك، ومـا للزوجة سوى الاستماع إليها والتقرب من همومها وما تشعر به، فهي مهما كانت مشاكلها حينما تستمع إليها وتنصت لروحها ستشعر بارتياحٍ تـام وهدوء عام وانسجامٍ سام، مِمَّـا سيفرغ قلبها من كل الهموم وإن بقيت وثم ستكون الصراحة معها هو مفتاح العاطفة، ومن كل هذه الشُعب هل لنا أن نسأل؟ مـن أين للعاطفة أن تزول أو تحول عنَّـا فما يجعلنا نجهلُها هو ارتباط كل واحد مِنا بمُشغلات الأمور والمصالح الأخرى المادية والعادية، ولـو أننا أقمنا كل علاقة على أساس ود وعاطفة لما همَّشنا أنفسنا هكذا كنارٍ لا تُحرق إلا نفسها، إنَّما مُطالبتنا بالحقوق بدرجة اللاثقة نزعت الثقة نفسها وجعلتنا ندُب على مرامي الأرض وأطرافها دون حمل مشعل أو مصباح نتذكر فيه أننا أخـوة في المجتمع والشريعة والطبيعة، وأننا في القلوب سوية وفي الدنيا رعية ومهما بقينا هكذا فلن ننجح فـرُبَّ شاردةٍ قاتلـة فقِفوا على ألسنتكمْ جيدا ورُبَّ واردةٍ تسودُ وتُعمَّـر المجتمعات بالسرور والطمأنينة والسكينة وتغمرهُ بالسعادة والرجاحة والصباحة، وفقط عش مُحبا ومُت مُحبا وأصعد على الهموم بكل عُمومها وأجعـل للعاطفة جنَّـة يُحبُ أنَّ يدخلها الجميع فهـي والله كذلــــك .



✍🏻 الكـاتـب / تــامــر التـويــج

عن الكاتب

M

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

Translate

المتواجدون الان

جميع الحقوق محفوظة

مدونة | الدكتور محمد طاهر صالح